أيقظوهمريد البرغوثي
أ
يقِظوا حُزْنَكُمْ، أيقِظوه
أيقِظوا حزننا
أوقِفوه على قدميهِ، اسندوه، وهزّوه في قسوةٍ أو حنانٍ
خُذوه إلى الماءِ مِن نَوْمِهِ،
إغسلوا وجْهَهُ واحلِقوا ذَقنَهُ، شَذِّبوا شاربَيه، وهاتوا ملابسَه عن علائقِها
ساعِدوه لكي يرتديها وقولوا لهُ: لم يعُد عندنا ما نقدِّمه لكَ، قولوا لهُ
لم يعد عندك الآن شيءٌ لنأخذَهُ.
أَوْصِلوه إلى البابِ في قسوةٍ أو حنانٍ وقولوا لهُ
نِمْتَ فينا طويلاً، تشيع البرودةَ في الروحِ
تُلْهي الصبيَّ عن اللهو، تُلهي العجوز عن الثرثراتِ
وتُلهي الفتلةَ عن الإنحراف الجميلِ.
تُشاغِلنا بالكثير القليلِ، تشوّشنا بالخطير الهزيل
تشل أصابعنا ثم تغفو. وقد نمتَ فينا طويلاً.. وهذا أوانُ الرحيل
إدفعوه إلى خارجِ البيتِ في قسوة أو حنانٍ
إذا ما استعطتمْ
...
دعوا العينَ تُبْصِرْ مسافاتنا. ثم عودوا إلى أي شيءٍ
إلى غضَبٍ (صار يُضحِكُ شيئاً فشيئاً؟) وعودوا
مطاريدَ يخشون أن يمعِنوا في السعادة أو في الشقاءْ
لهُمْ نُبْلُهُم، هاربين من اليأس والإغتباط ويمشونَ
من طرق الإنقراض إلى ساحةٍ للبقاءْ
إجفِلوا مثل عصفورة لم تَجِدْ مطرحاً في الغصون ولا في السماءْ
إجفلوا واذهبوا حيث كنتم: مهدّات هدمِ الأليفِ
ورَجْرَجةً في زوايا السقوفِ،
وتستخرجون (على مهلكم) طائعاً مِن عَصِيٍّ
وترمون بالخوف وجهَ المُخيفِ. اخرجوا من هنا
واذهبوا حيث كنتمْ
إذا ما استطعتُمْ
...
ومِن عتمة القلب، عبر الرجاء المُهشَّمِ، سيروا تِجاهَ الرجاءْ.
في الزمان المُريحِ ادخُلوا في التَّعَبْ
في الزمان الكسيحٍ ادخُلوا في السباقْ
في الزمان الزجاج ادخُلوا في الحجارة.
إجفلوا!، لا تلوموا الذي لا يُلامُ
ولا تتركوا الحلمَ برجفُ برداً بهذا العراء فَيَفْنى
إذا ما ستطعتمْ!
إذا ما ستطعنا
::: ::: :::
13/7/1986
مريد البرغوثي
من ديوان طال الشتات